إعدام شاب

 12,99 14,99

Aylol Store short description

Out of stock

“دخل السجن الجديد ملقباً السلام، فلم يردّ فؤاد من شدّة غضبه السلام عليه، وبدأ يهاجمه من دون أن ينظر إلى وجهه قائلاً: إذن غداً ستعلّق بجبل المشنقة، صرخ مخلص وهو يعانق غطاء السرير بخوف ورعب: أمي أنقذيني، لا أقدر على البقاء بين الأموات، ألقى السجين الجديد نظرةً خاطفةً على الأسِرّة، ثم سأل قائلاً: ولكن لا مكان لي هنا، لماذا احضروني إلى هنا إذاً؟… وما أهمية المكان عندك يا عزيزي؟… غداً ستذهب في رحلة طويلة إلى الحياة الآخرة، لو نمت هذه الليلة على الأرض لما حدثت أيّ مشكلة، غداً ستنام نومة أبدية تحت التراب، نظر السجين إلى فؤاد وردّ عليه ضاحكاً: أنت مخطئ في إعتقادك، فبإذن الله لن أرقد تحت التراب، سأل فؤاد بحيرة وتعجب: أين سترقد إذاً؟ هل هناك مكان فخصص لحضرتك بعد الموت؟ نعم، وكيف هو ذاك المكان؟… بين الزهور، وعلى فُرُشٍ أنعم من ريش الطيور، هل أنت جادٌ يا صديقي، قبرك لن يراه أحد، من سيحضّر لك الزهور، وريش الطيور، ستُعدم ويلقون بك في حفرة، ولن يراك بعد ذلك أحد، من تقصد؟ من سيحضر لك الزهور، أقصد أقرباءك… أهلي وأقاربي بالتأكيد لن يعرفوا قبري… إذاً من الذي سيحضر لك هذه الأشياء، إن كان سيعلم قبرك فهو شخص واحد فقط، وهو مدير السجن، وكما هو بادٍ عليه ليس من الناس الذي تعتريهم الرحمة والعطف.

كان هذا السجين شخصاً رزيناً عاقلاً، متوسط القامة، ملتحياً، أسمر البشرة، ذا أسنان بيضاء براقة، تزيد من جمال ضحكته وتعطيها لمعاناً، المساء على وشك الحلول، فؤاد كعادته يتجول في الزنزانة، ويدور حول السجين الجديد ويرمقه بنظراته، وكأنه يرى شخصاً من فضاء آخر، ويحاول جاهداً أن يفهمه: يا أخي عمّ تتحدث؟ لا أفهم أبداً، هلا تحدّثت بوضوح أكثر، كيف سترقد غداً بين الزهور، ومن الذي سيجلبها لك؟… الله عزّ وجلّ جلّ جلاله، وهل يمنح الله تعالى الزهور للأموات، من الواضح أنك فقدت عقلك يا أخي، وأنا الذي كنت أتوسم فيك الحكمة ورجاجة العقل، إنك تخطئ من جديد، عقلي والحمد لله في رأسي، وليس هناك ما يدعو لأن أفقده… كيف ذلك، غداً سوف تموت، أليس هذا سبباً كافياً لأن يذهب عنك عقلك، انظر إلى حديثك!… أزهار وورود… ولا تؤمن أنك سترقد مؤبداً في حفرة تحت الأرض…

نعم، لأنني أؤمن بالله تعالى سيذهب بروحي إلى الجنة، ومتى ذلك – من فور ما تفارق روحي جسدي… وهل هناك إتفاق ما بينك وبين الله، فمن أين لك أن تعلم ذلك؟… لقد ورد هذا في القرآن الكريم، أنه من يكون صادقاً مع الله فإن مصيره الجنة التي وعد الله تعالى بها عباده المؤمنين… وأنا واحد من الصادقين مع الله تعالى، ولم أعصه أبداً، وأحبه كثيراً، وأعلم أنه يحبني، ويضاف إلى ذلك إن الله يمنح محبيه بشارات كثيرة…

وفي هذه الأثناء أتى صوت الحارس من الخارج: أيها السجين الجديد خذ هذا الكرسيّ من أجلك، حتى وإن تنم في هذه الليلة فلا مشكلة، فغداً ستذهب إلى الدار الآخرة بلا عودة، ستنام طويلاً وترتاح كثيراً… كان جواب السجين الجديد غريباً لافتاً للإنتباه؛ ولكني لن أموت… هذه المرة كانت الصدمة والذهول من نصيب الحارس… هل أنت مجنون يا بني!… لقد قرأت قرار إعدامك قبل قليل، ولقد جُهّزت مشنقتك وعلقت خلف هذه الزنزانة: إنك ميت لا محالة، لماذا تتحدث بهذه الطريقة الغريبة حتى الآن؟… لأن سيجعلون مني شهيداً والشهداء لا يموتون””…

وهكذا أصبح هذا السجين موضع إهتمام الجميع، وإلى آخر الرواية… يضحي هذا الشخص “”أبو ذر”” المؤثر في أخلاقهم وسلوكهم إلى درجة دفعت فؤاد أن يكون محله على حبل المشنقة، ليتنفذ فيه حكم الإعدام… سرديات لطيفة، عابقة بنسمات إيمانية، تثيرها الكاتبة عبر شخصياتها التي تتبدل أحوالها على مدار الأحداث، وذلك من خلال الشخصيتان المحوريتان أبو ذر، وفؤاد.

وعلى الرغم من إقتصار الروائية مسرح أحداثها في سردياتها على جدران السجن، وجدران الزنزانة بالتحديد؛ إلا انها استطاعت من خلال تداعيات قصص الرفاق السجناء في تلك الزنزانة أن تدخل في عمق الحياة الإقتصادية، لتعكس المعاناة الحياتية في ذلك المجتمع، والأمراض الإجتماعية التي يعاني منها الإنسان فيه.”

Weight 310 g
Dimensions 215 × 145 × 20 mm
book-author

format

Customer Reviews

There are no reviews yet.

Be the first to review “إعدام شاب”